إضاءة إداورد دي بونو : كتاب تعليم التفكير

أكد دي بونو أنه لا يوجد هناك تعريف واحد مرضٍ للتفكير، لأن معظم التعريفات مُرضية عند أحد مستويات التفكير، أو عند مستوى آخر و تعريف التفكير الذي اعتمده في كتابه: هو"أن التفكير هو التقصي المدروس للخبرة من أجل غرض ما "و قد وصف التفكير بالمهارة الفعالة التي تدفع بالذكاء الفطري إلى العمل و يرى دي بونو أن تنمية مهارات التفكير تتطلب من الفرد توفر الرغبة أولا، ثم بعد ذلك يأتي الميل أو الانتباه ثم الممارسة.
وبعد اكتساب المهارة يأتي شعور الفرد بالمتعة أي أن المتعة في التفكير تأتي لاحقا، ويؤكد دي بونو أن بداية التمرين على مهارات التفكير يتطلب الإكثار من التدريب والتمرين.
ويصاحب التدريب والتمرين قليل من المتعة أو التمتع في بداية الأمر. وحالما يصل الفرد إلى مستوى معين من المهارات المطلوبة تحصل الطلاقة والفاعلية، اللتان تجعلان الفرد يشعر بالمتعة في ممارسة مهارات التفكير. ويشبّه دي بونو تعلم مهارات التفكير بتعلم مهارات ركوب الدراجة الهوائية أو السباحة أو الكمبيوتر. في بداية تعلمها يشعر المتعلم بالارتباك، إذ يبدو تعلمها (للمتعلم الجديد) صعبا وغير ضروري وغير طبيعي، وبعد تعلمها واكتساب درجة معينة من المهارة فيها، يصبح الحديث عن وجود مرحلة ارتباك أمرا غير معقول . ويمكن إيجاز آراء دي بونو في دراسة وتدريس مهارات التفكير في:
إن مهارات التفكير تماثل مهارات القيادة والخياطة والسباحة وما شابهها ، ويمكن تعلمها وتعليمها لجميع الناس الأسوياء بدرجات مختلفة عند توفر الرغبة والتدريب المناسبين. ويمكن للنظام التعليمي بعد أن يتبنى أساليب تنمية التفكير في مناهجه، أن يساهم في تحسين تلك المهارات.
يعتقد دي بونو أن الممارسة أو التدريب يقود إلى الإتقان أو الكمال في تنمية مهارات التفكير. والمقصود بالممارسة هنا هو التدريب وفق برامجه في الميدان أو غيرها من البرامج. فتعلم مهارات التفكير يتم بالعمل والممارسة وليس بالوعظ والحث.
يدعو دي بونو إلى تدريس مادة التفكير كمادة مستقلة في المدارس.. وهذا يعني أن دي بونو لا يؤمن في أن مهارات التفكير تتحسن وتتطور بواسطة تدريس تلك المواد التقليدية (الرياضيات والعلوم واللغات …) .

ويصنف دي بونو الناس إلى مجموعتين رئيسيتين في نظرتهم إلى التفكير وإمكانية تنميته. المجموعة الأولى تحسب التفكير ظاهرة طبيعية فسيولوجية كالتنفس والمشي لابد أن تحدث، وعليه لا نستطيع أن نعمل أي شيئ بصددها، وأن أي تدخل من جانبنا يربكها، وهذا الرأي يعني إن كنت ذكيا فأنت مفكر جيد وقادر على التفكير البنّاء. وإن كنت أقل ذكاء فهذا قدرك، وما عليك إلا أن تقبل به وتصغي إلى زميلك الأكثر منك ذكاء وعليك أن تتعلم منه، أما المجموعة الثانية فتنظر إلى التفكير على أنه مهارة مكتسبة، تشبه مهارة السباحة والحياكة وركوب الدراجة والفلاحة وما شابهها، يمكن تعلمها وتعليمها بدرجات أو مستويات مختلفة، بعض الناس فيه أمهر من البعض الآخر وكل فرد يستطيع الوصول إلى مستوى معين من تلك المهارات إذا توفرت له الشروط والتدريب المناسبين، وجذور هذا الرأي تمتد إلى عالم النفس الفرنسي المعروف بينيه فإن كنت تتبنى الرأي الأول، هذا يعني قبولك بما أنت فيه أو عليه من مستوى التفكير، وعليه لا يمكنك أن تحسن مستوى أو درجة تفكيرك، أو قد تؤمن بالرأي الثاني. وهذا يعني قناعتك أو رضاك بما أنت فيه أو قادر عليه من مستوى تفكير، وأنه يمكن لك أن تحسن مستوى تفكيرك في حالة توفر الرغبة والانتباه والبرامج والتدريب المناسب. وهذا ما كان يدعو إليه دي بونو منذ أكثر من ربع قرن ولا يزال. الأذكياء يخافون من الوقوع في الخطأ، وهذا يبعدهم عن المغامرة (التي تعد سمة من سمات الشخص المبدع. كما أنهم يفكرون بسرعة ويقفزون إلى النتائج بسرعة في كثير من الحالات، وكلا الأمرين يعدّان من أخطاء التفكير أو من أخطاء المفكر الجيد.
اعلان 1
اعلان 2
عربي باي