التفكير الإيجابي في ضوء السنة النبوية [1]
عندما يستخدم
الإنسان التفكير الإيجابي في أقواله وأفعاله وعلاقته مع الناس فإن ذلك يوجد عنده موازين
إيجابية معتدلة تجعله يحترم الجميع، ويعرف منازلهم فيعطي كل واحد منهم ما له من حقوق
الاحترام والتبجيل مهما كان صغيرًا أو كبيرًا في السن شريفًا أو وضيعًا في النسب، ويتجلى
المنهج النبوي الكريم في احترام الناس من خلال عدة أمور:
قبول الناس كما خلقهم الله
فيؤسس النبي
صلى الله عليه وسلم أساسًا متينًا لضبط العلاقات بين الناس بإرساء مفهوم إيجابي ببيان
أصل الناس وأنه لا تفاضل بينهم في أصل خلقتهم وإنما يكون التفاضل بينهم فيما يتفاضلون
فيه باختيارهم ومن كسب أنفسهم بسلوكهم لمنهج التقوى التي هي أساس التفكير الإيجابي
والسلوك المثالي في علاقة الإنسان مع خالقه، ومع من خلق الله فقال صلى الله عليه وسلم
:"يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد
لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا
بالتقوى"[2].
ويعزز النبي
صلى الله عليه وسلم هذا الميزان بذمه لما يضاد هذا الميزان من موازين خاطئة،
واعتبر انتقاص الآخرين وعيبهم بما ليس بعيب إلى كون هذا الفعل من الجاهلية ذلك لأن
صاحب هذا النمط من التفكير قد نظر نظرة سلبية من منظور تفكير سلبي إلى هذا المخلوق
الذي كرمه الله، قال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه: "كان
بيني وبين رجل كلام وكانت أمه أعجمية فنلت منها فذكرني إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: لي أساببت فلان، قلت: نعم، قال: أفنلت من أمه؟ قلت: نعم، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية "[3].
احترام إنسانيتهم
الإنسان ذلك
الكائن الذي كرمه ربه، اسجد له ملائكته، وفضله على غيره من المخلوقات لهو جدير بكل
احترام لإنسانيته. ويضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في احترام إنسانية
الإنسان فحتى صغار السن كان ينالهم من احترام النبي الشيء الكثير.
وحتى لو كان
الإنسان مخالفًا لنا في الدين فإن ذلك لا يسمح لنا بأن نحتقر إنسانيته ونهين كرامته
الآدمية فنجد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يحفظ حق أحد المخالفين له من الاحترام
الإنساني حتى بعد موته فعن سهل بن حنيف وقيس بن سعد رضي الله عنهما قالا: " إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له إنها
جنازة يهودي فقال : أليست نفسًا ".[4]
احترامهم ولو كانت مهنهم متدنية
ينحرف عند
أصحاب التفكير السلبي ميزان النظر إلى مراتب الناس فيصنفهم من خلال ما يقومون به من
عمل فينزلق في وحل الازدراء والاحتقار لهم لا لشيء وإنما لأنهم يقومون بعمل لا يراه
هو عملا شريفًا، ولكن هذا لم يكن عند معلم البشرية صلى الله عليه وسلم "فعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد
ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها، فقالوا: ماتت، قال: أفلا كنتم آذنتموني،
قال: فكأنهم صغروا أمرها فقال: دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها".[5]
من هنا ندرك
أهمية التفكير الإيجابي في حياة المسلم وان الخير كل الخير في ما جاء به المصطفى، لنعلم
أن كل جهد بشري للارتقاء بالإنسان في فكره أو سلوكه له أصل في سنة النبي صلى الله عليه
وسلم.
[1]- مقتبس من بحث أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه الذات والمجتمع في ضوء السنة
النبوية - بحث علمي قدم كورقة عمل في المؤتمر الدولي عن تنمية المجتمع 2008 – كتبه د.سعيد بن صالح الرقيب
[2]- مسند الإمام أحمد – مسند الأنصار
[3]- صحيح البخاري – كتاب الأدب
[4]- صحيح البخاري - كتاب الجنائز
[5]- رواه البخاري ومسلم